لن انسي عندما رأيته لأول مرة. كان قد جاء إلي
الحياة بالامس وأنا في اثيوبيا. عدت ف اليوم الثاني من باص المطار الي المستشفي
حيث ولدته اختي. عندما وصلت كان طبيب الاطفال يتفحصه وانا واقفه خلف الطبيب منتظرة
أن ينتهي حتي أري المولود. نظرت اختي للطبيب وقالت: "عنده داون مش كده؟"
وبكت ثم كلمت زوجها علي الموبيل: "عنده داون" قال لها: "يعني ايه"
ردت: "بَله مغولي" رد عليها "الحمد لله" واخذ يطمئنها. منذ
تلك اللحظة قفز حبي لزوجها الي السحاب.
خرج الطبيب وحملت المولود بين ذراعيً. لم اشعر بكل هذا الحب لاي شخص من قبل غير ابنتي
.ومن يومها والبسبوس (احد الاسماء التي اطلقتها عليه) متربع في قلبي.
"انتي مدلعاه وهتبوظيه" كل العائلة تصيح
في. " طب هو أحلي من البسبوسة-أحلي حلويات ف الدنيا- ياجدعان مقدرش أشوفه
زعلان" أعتقد أني أقوم بدور الجدة تدلع الطفل وتترك التربية للوالدين!
النظرة
لوجهه الجميل تغمرني بالسعادة مهما كنت غاضبة من اي شئ ف الدنيا.قضينا اول سنة من
عمرة في رحلات الي المستشفي لعلاجه من امراض صاحبته. يرقد في المستشفي واحيطه
باللعب وأكلمه وأغني ليه (مسكين لسماع صوتي السئ) واقرأ له الكتب. "طب هو
فاهم انتي بتقري له اي؟ ايش عرفه الضفدعة اللي هاجرت من البحيرة ولفت بلاد
ورجعت؟" أرد: "عايزاه يحب الكتب والقراية" . عندما كبر قليلا
كافئني بحبه للكتب والقراءة . أيوه بيعرف يقرا حتي لو كان الكلام مش واضح من بقه.
الان عندما أعطيه كتاب قد يقرأه أو يرفض ولكنه ينظر علي باقي السلسلة في غلاف
الكتاب الخارجي ويشير علي الكتاب الذي يريده. نحضره وأقرأ له. الان يقرا معظم كتب
السلسلة الاولي (6 كتب) بنفسه.
ثابرنا علي القراءة له مرات عديدة كل يوم بدون
كلل. أختي شاطرة في انتقاء الكتب ولديها صبر وطريقة جميلة مع الأطفال. ابنتي أيضآ تساعد
كثيرا بمحبتها له وبقدرتها المُبهرة علي التعامل مع الاطفال بدون شخط ولا دلع.
أحطناه بالكتب الجميلة ولكن بعدد محدوود حتي لا يتوه فيها. أصبحت الكتب بالنسبة له
شيئآ جميلآ.
ولكني أعتقد ان لديه حب فطري للكتب وللمعرفة بالإضافة
إلي عناده الذي يدفعه للمثابرة والمحاولة في كل شئ. "يعني من نفسه بيحب يعافر
مع نفسه لغاية مايعمل اللي هو عايزه".
قال لنا الاخصائي من البداية : "ماحدش يعرف
تحصيله هايكون ايه لكن فيه أطفال تقدمت ودخلت مدارس ونجحت وفيه لأ. الرك علي مدي
اهتمام الأهل" . بس كده احنا عرفنا الطريق وبدأنا واستمرينا رغم نوبات مرضه
الكثيرة التي سأحكي عنها في تدوينات قادمة.
أعطونا كتب ومعلومات كثيرة. واظبت اختي علي التعلم
وتعليمنا كيف نتعامل معه وكيف نعلمه ومازلنا نتعلم. الان هو في المدرسة وعليه ان
يعرف 35 كلمة (باقي الفصل مفروض يتعرف علي
45 كلمة). هو الان يعرف الكلمات حتي اذا لم يستطع ان ينطقها كلها وسنحاول مع باقي
الكلمات. هو يعرف لغة الاشارة الخاصة بمتلازمة داون ووالديه يعرفونها ونحن نتعلم
اشارات جديدة كل يوم منهم.
:كل كلمة ينطقها أو يحاول ينطقها أو أي شئ يعمله
نصفق له كلنا : شاطر يابسبوس، بسبوس ولد شاطر. بسبوس حبي الكبير.
No comments:
Post a Comment