هل الطلاق فشل ونهاية للمرأة أم بداية حياة جديدة مثمرة
وغنية؟ الإختيار لكِ
"تعالي قولي لي أعلق
الصور ازاي؟ وبأي ترتيب؟" قالت مها لابنتها فردت ابنتها ببساطة "علقيهم
زي مانتي عايزة ياماما. ده بيتنا وانتي حرة علقيهم علي مزاجك"
بساطة الرد صدمت مها. "ياه
هل أستطيع أن أعلق الصور علي الحوائط كما أرغب؟ ولكن ليس لدي معرفة فنية في فن
تعليق الصور وليس لدي ذوق فني. جلست علي الكنبة تفكر لماذا تشعر وكأنها لا تستطيع
أن تقرر الاوضاع المناسبة للصور؟ وتذكرت أن زوجها السابق لم يكن يسمح لها بعمل
بسيط كهذا وكانت ملاحظاته "العادية" حتي في لحظات الصفاء تركز علي
عيوبها تلك الموجودة فعلآ (مثل دًبها علي السلم عند النزول) أو التي يعتقدها هو
(مثل عدم وجود حاسة فنية وغيرها الكثير).
أصرت مها علي أخذ رأي
ابنتها في تعليق الصور. في الواقع ليست من السهولة إعادة الثقة في القدرات الشخصية
بعد عشرين عاما من الإحباط الممنهج والمستمر بالقصد وبدونه. تركت أمل ماكانت تفعله
وجاءت ونظرت وقالت: "أيوه ياماما ذوقك حلو كملي". كانت الملاحظة كافية لأن
تستمر مها في التعليق بالترتيب الذي تراه مناسبا، ذلك لأن أمل فنانة وكانت تدرس
وتقدم لوحات جميلة في المدرسة وتحصل علي إعجاب المعلمة الفنانة. لذلك أعطت الإبنة
لأمها الثقة التي حُرِمت منها في السنوات الماضية.
كانت تلك هي البداية
وبعدها بدأت مها تتصرف في حياتها بدون تدخل شخص اخر. بإرادتها تطلب النصيحة من
المتخصصين أو بعض الأقارب وتشارك ابنتها في كل شئ وكل قرار رغم سنوات عمرها
الصغيرة. كانت المشاركة بسبب ثقة مها في تقدير وعقل ابنتها كما كانت بسبب رغبتها
في بناء شخصية ابنتها حتي تصبح قادرة علي إدارة حياتها بدون الإعتماد علي رجل ما.
ومرت الأيام وكل يوم يقل
غضب مها مما حدث وتزداد ثقتها بنفسها وبقراراتها. ثم تدريجيا تحول غضبها علي زوجها
السابق إلي غضب علي نفسها: "لماذا تحملت كل المعاناة ولم أتركه؟ لماذا أضعت
سنوات طويلة من عمري والأسوأ من عمر ابنتي في علاقة سيئة تزداد سوءا كل يوم؟
ومع انشغال مها بدراسة
وحياة ابنتها وبالعمل والأشياء الاخري الصغيرة في الحياة مثل زراعة النباتات
والاهتمام بها وانتقاء المأكولات المغذية والشهية لكي تعدها لابنتها، بدأ شعورها
بالغضب من نفسها يقل.
وبعد سنوات قليلة انمحت
المشاعر السلبية فعندما تتذكر مها الأيام الماضية تتذكر لحظات سعيدة قضتها في مكان
ما مع أشخاص ما وتبعد عن تفكيرها أيام المعاناة التي عاشتها.
الان مها تعيش حياة حرة
من الغضب ومن مراعاة مزاج شخص اخر علي حساب رغباتها. ولكن حياتها مليئة بالعمل
المثمر والمحبة المتبادلة مع الابنة والأهل والأصدقاء والكتب والنباتات والموسيقي
وغيرها الكثير. ليس هناك وقت للحزن علي الماضي فالمهم هو حياة اليوم والغد.